كما هو الآن موجود في المصاحف التي هي بخط مولانا أمير المؤمنين وأولاده المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم وقد شاهدنا عدة منها في خزانة الرضا صلوات الله وسلامه عليه نعم ذكر جلال الدين السيوطي في كتابه الموسوم بالمطالع السعيدة أن أبا الأسود الدئلي أعرب مصحفا واحدا في خلافة معاوية وبالجملة لما دفعت إليهم المصاحف على ذلك الحال تصرفوا في إعرابها و نقطها وإدغامها وإمالتها ونحو ذلك من القوانين المختلفة بينهم على ما يوافق مذاهبهم في اللغة والعربية كما تصرفوا في النحو وصاروا إلى ما دونوه من القواعد المختلفة قال محمد بن بحر الرهني ان كل واحد من القراء قبل أن يتجدد القاري الذي بعده كانوا لا يجيزون إلا قرائته ثم لما جاء القارئ الثاني انتقلوا عن ذلك المنع إلى جواز قرائة الثاني وكذلك في القراءات السبعة فاشتمل كل واحد على إنكار قرائته ثم عادوا إلى خلاف ما أنكروه ثم اقتصروا على هؤلاء السبعة مع أنه قد حصل في علماء المسلمين والعاملين بالقرآن أرجح منهم من أن زمان الصحابة ما كان هؤلاء السبعة ولا عددا معلوما من الصحابة للناس يأخذون القراءات عنهم ثم ذكر قول الصحابة لنبيهم صلى الله عليه وآله على الحوض إذا سئلهم كيف خلفتموني في الثقلين من بعدي فيقولون أما الأكبر فحرفناه وبدلناه وأما الأصغر فقتلناه ثم يذادون عن الحوض وأما الدليل على الثاني فقوله تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا دلالة فيه أصلا كما لا يخفى وقوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون وفيه أنه لا يدل على عدم التغيير في القرآن الذي بأيدينا فيكفي كونه محفوظا عند الأئمة عليهم السلام في حفظ أصل القرآن في مصداق الآية ولا ريب أن ما في أيدينا أيضا محفوظ من أن يتطرق إليه نقص آخر أو زيادة مع احتمال أن يراد من قوله تعالى لحافظون لعالمون وإن القول بجواز التبديل فتح لباب الكلام على إعجاز القرآن وعلى استنباط الاحكام منه وفيه أنه لم يخرج بذلك عن كونه معجزا لبقاء الأسلوب والبلاغة اللذين هما مناط الاعجاز بحالهما بل سائر وجوه الاعجاز أيضا مع أنه لم يدخل الاخبار على حصول الزيادة وادعى على عدمها أيضا الاجماع الشيخ والطبرسي في التبيان ومجمع البيان والذي له مدخلية في الاخراج عن حد الاعجاز هو الزيادة غالبا وكذلك لم يظهر وقوع التحريف في آيات الاحكام مع أنه لو وقع فليس بأعظم من غيبة الإمام عليه السلام وما ورد من الأخبار الدالة على وجوب التمسك بالكتاب والامر باتباعه وعرض الاخبار على كتاب الله ونحو ذلك وفيه أن ما ورد من هذه الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينافي ما ذكرنا فإنه أمر أيضا بالتمسك بالأوصياء عليهم السلام مع أنهم صاروا ممنوعين عن التبليغ كما هو حصة وأما ما ورد من الأئمة عليهم السلام فلا ينافي تجويزهم العمل بها من باب التقية وحكم الله الظاهري
(٤٠٥)