نقض منكم لهذا الاعتبار كله ". (1) هذه عبارته بعينها. وإنما نقلناها بطولها لتضمنها تحقيق المقام له وعليه.
فنحن نعيد عليه ههنا كلامه (2) وننقض (3) استدلاله بعين ما نقض به دليل خصمه غير محتاجين إلى تثنية التقرير، فإن مواضع الامتياز - على نزارتها - لا يكاد يخفى على المتأمل طريق تغييرها وسوقها بحيث ينتظم مع محل النزاع.
وأما (4) ثانيا، فبالحل. وتحقيقه أنه لا ريب في افتقار استعمال اللفظ في غير المعنى الموضوع له إلى القرينة، وأن ذلك هو المائز بين الحقيقة والمجاز وكذا لا ريب في منع تأخير القرينة عن وقت الحاجة، وأما تأخيرها عن وقت التكلم إلى وقت الحاجة، فلم ينقل على المنع منه مطلقا من جهة الوضع دليل، وما يتخيل - من استلزامه الاغراء بالجهل فيكون قبيحا عقلا - مدفوع بأن الاغراء إنما يحصل حيث ينتفي احتمال التجوز. وانتفاؤه فيما قبل وقت الحاجة موقوف على ثبوت منع التأخير مطلقا وقد فرضنا عدمه.
وقولهم: الأصل في الكلام الحقيقة، معناه: أن اللفظ مع فوات وقت القرينة وتجرده عنها يحمل على الحقيقة لا مطلقا، يدلك على هذا أنه لا نزاع في جواز تأخير القرينة عن وقت التلفظ بالمجاز بحيث لا يخرج الكلام عن كونه (5) واحد عرفا. ومنه تعقب الجمل المتعددة المتعاطفة بالاستثناء، ونحوه إذا أقام المتكلم القرينة على إرادة العود إلى الكل كما مر تحقيقه. ولو كان مجرد النطق باللفظ يقتضي صرفه إلى الحقيقة لم يجز ذلك، لاستلزامه المحذور الذي يظن في موضع النزاع، أعني: الاغراء بالجهل آنا ما. على أنهم قد حكموا بجواز إسماع العام المخصوص بأدلة العقل وإن لم يعلم السامع أن العقل يدل على تخصيصه، ولم ينقلوا في ذلك خلافا عن أحد.
وجوز أكثر المحققين، كالسيد والمحقق، والعلامة، وغيرهم من محققي