قلنا: القرينة وإن كانت موجودة، لكن العلم بها موقوف على زمان يرجع فيه إليها. ففي ذلك الزمان هو مخاطب بلفظ له حقيقة لم يردها المخاطب به (1) من غير دلالة على أنه متجوز. وهو الذي نفيت الاشكال عن قبحه.
فان قلت: هذا الزمان مستثنى من البين، وإنما يستقبح الخلو عن الدلالة فيما بعده.
قلنا: فاقبل مثل ذلك في موضع النزاع، ويبقى الكلام، على ما ادعاه من دلالة العرف على قبح تأخير القرينة عن حال الخطاب مطلقا مستشهدا بما ذكره من الوجوه الثلاثة. فإنه يقال عليه: لا نسلم دلالة العرف على القبح في الكل. نعم هي في غير محل النزاع موجودة، ومجرد الاشتراك في مفهوم التجوز لا يقتضي التسوية في جميع الأحكام.
وأما الوجوه التي استشهد بها فلا دلالة فيها، لان وقت الحاجة في الوجه الأول - وهي الانزجار عن الفعل المهدد عليه - مقارن للخطاب (2)، فلابد من اقتران البيان به. وأيضا فحقيقة التهديد عرفا إنما تحصل (3) مع مقارنة قرينة للفظ (4) فالقبح الناشي من تأخير القرينة حينئذ إنما هو باعتبار عدم تحقق (5) مسمى التهديد المطلوب حصوله، لا بمجرد كونه تأخيرا.
والوجه (6) الثاني: إن فرض وقت الحاجة فيه متأخرا [عن وقت الخطاب (7)] منعنا قبح التأخير فيه. وإن فرضه (8) مقارنا للخطاب، سلمناه ولا يجديه.
والوجه الثالث: ليس من محل النزاع في شئ. لأنه من قبيل الاخبار وليس لها وقت حاجة يتصور التأخير إليه فيجب اقتران القرينة فيها بالخطاب.
وقضاء العرف بذلك فيها ظاهر أيضا. مع أن تجريدها (9) عن القرينة المبينة