له. وليس كذلك مستعمل لفظ العموم، وهو يريد الخصوص، لأنه أراد باللفظ ما لم يوضع له، ولم يدل عليه دليل.
الثاني: أن جواز التأخير يقتضي أن يكون المخاطب قد دل على الشئ بخلاف ما هو به، لان لفظ العموم مع تجرده يقتضي الاستغراق. فإذا خاطب به مطلقا لا يخلو من أن يكون دل به على الخصوص، وذلك يقتضي كونه دالا بما لا دلالة فيه، أو يكون قد دل به على العموم، فقد دل على خلاف مراده، لان مراده الخصوص، فكيف يدل عليه بلفظ العموم؟
فان قيل: إنما يستقر كونه دالا، عند الحاجة إلى الفعل.
قلنا: حضور زمان الحاجة ليس بمؤثر في دلالة اللفظ، فان دل اللفظ على العموم فيه فإنما يدل بشئ يرجع إليه، وذلك قائم قبل وقت الحاجة. على أن وقت الحاجة إنما يعتبر في القول الذي يتضمن تكليفا. فأما ما لا يتعلق بالتكليف من الاخبار وضروب الكلام، فيجب أن يجوز تأخير بيان المجاز فيه عن وقت الخطاب (1) إلى غيره من مستقبل الأوقات. وهذا يؤدي إلى سقوط الاستفادة من الكلام.
الثالث: أن الخطاب وضع للإفادة. ومن سمع لفظ العموم - مع تجويزه أن يكون مخصوصا ويبين له في المستقبل - لا يستفيد في هذه الحالة (2) به شيئا، و يكون وجوده كعدمه.
فان قيل: يعتقد عمومه بشرط أن لا يخض.
قلنا: ما الفرق بين قولك، وبين قول من يقول: يجب أن يعتقد خصوصه إلى أن يدل في المستقبل على ذلك؟ لان اعتقاده للعموم (3) مشروط، وكذلك اعتقاده للخصوص. وليس بعد هذا إلا أن يقال (4): يعتقد أنه على أحد الامرين، إما بالعموم أو الخصوص وينتظر وقت الحاجة، فإما أن يترك على حاله فيعتقد