من الرجوع إليها ومعرفة المراد. ولا كذلك إذا أخر البيان فإنه لا يكون متمكنا.
قلنا: إذا كان البيان في الأصول، فلابد من زمان يرجع فيه إليها ليعلم المراد. وهو في هذا الزمان - قصيرا أو طويلا - مكلف بالفعل ومأمور باعتقاد وجوبه والعزم على أدائه على طريق الجملة، من غير تمكن (1) من معرفة المراد، وإنما يصح أن يعرف المراد بعد هذا الزمان. فقد عاد الامر إلى أنه مخاطب بما لا يتمكن في الحال من معرفة المراد به. وهذا (2) هو قول (3) من جوز تأخير البيان. ولا فرق في هذا الحكم بين طويل الزمان وقصيره.
فان قالوا: هذا الزمان الذي أشرتم إليه لا يمكن فيه معرفة المراد، فيجري مجرى زمان مهلة النظر الذي لا يمكن وقوع المعرفة فيه.
قلنا: ليس الامر كذلك، لان زمان مهلة النظر لابد منه ولا يمكن أن يقع المعرفة الكسبية في أقصر منه. وليس كذلك إذا كان البيان في الرجوع إلى الأصول، لأنه تعالى قادر على أن يقرن البيان إلى الخطاب، فلا يحتاج إلى زمان الرجوع إلى تأمل الأصول ".
هذا كلامه. وليت شعري! كيف غفل عن ورود مثل ذلك عليه، فيقال له:
إذا جوزت إسماع العام المخصوص من دون إسماع مخصصه، لكنه يكون موجودا في الأصول والمخاطب به مكلفا بالرجوع إليها فما الذي يجب أن يفهمه المكلف من العام قبل أن يعثر على المخصص في الأصول؟
فان قلت: يتوقف على اعتقاد (4) أحد الامرين بعينه ويعتقد أنه يمتثل العموم إن لم يظهر له المخصص.
قلنا: ما الفرق بين هذا وبين ما قلناه من جواز تأخير البيان؟
فان قلت: الفرق بينهما وجود القرينة وتمكنه من الرجوع إليها هناك، و انتفاء الامرين في موضع النزاع.