" صلوا " وأراد بذلك غاية معينة، فالانتهاء إليها من غير تجاوز لها مراد في حال الخطاب، وهو من فوائده ومراد المخاطب به (1).
وهذا هو نص مذهب القائلين بجواز تأخير بيان المجمل. ولم يجر ذلك، عند أحد، مجرى خطاب العربي بالزنجية.
فان قالوا: ليس يجب أن يبين (2) في حال الخطاب كل مراد بالخطاب.
قلنا: أصبتم (3)، فاقبلوا في الخطاب بالمجمل مثل ذلك.
فان قالوا: لا حاجة إلى بيان مدة النسخ وغاية العبادة، لان ذلك بيان لما لا يجب أن يفعله. وإنما يحتاج في هذه الحال إلى بيان صفة ما يجب أن يفعله.
قلنا: هذا هدم (4) لكل ما تعتمدون عليه في تقبيحكم تأخير البيان، لأنكم توجبون البيان لشئ يرجع إلى الخطاب، لا لأمر يرجع إلى إزاحة علة المكلف في الفعل، فان كنتم إنما تمنعون من تأخير البيان، لأمر يرجع إلى إزاحة (5) العلة والتمكن (6) من الفعل، فأنتم تجيزون أن يكون المكلف في حال الخطاب غير قادر، ولا متمكن بالآلات. وذلك أبلغ في رفع التمكين (7) من فقد العلم بصفة الفعل.
وإن كان امتناعكم لأمر يرجع إلى وجوب حسن الخطاب وإلى أن المخاطب لابد أن يكون له طريق إلى العلم بجميع فوائده، فهذا ينتقض بمدة الفعل وغايته، لأنها من جملة المراد. وقد أجزتم تأخير بيانها، وقلتم بنظير قول من يجوز تأخير بيان المجمل (8)، لأنه يذهب إلى أنه يستفيد بالخطاب المجمل بعض فوائده دون بعض، وقد أجزتم مثله. فالرجوع إلى إزاحة العلة