العامة: إسماع العام المخصوص بالدليل السمعي من دون إسماع المخصص.
مع أن ما ذكرنا (1) من التوجيه للمنع هنا، لو تم لاقتضى المنع هناك أيضا، لان السامع للعام مجردا عن القرينة (2) حينئذ يحمله على الحقيقة - كما ظن - وليست مرادة، (3) فيكون إغراء بالجهل.
فان أجابوا: بأنه لا يجوز الحمل على الحقيقة إلا بعد التفحص عن المخصص الذي هو قرينة التجوز، وبعد فرض وجودها لابد أن يعثر عليها فيحكم حينئذ بمقتضاها.
قلنا: في موضع النزاع إنه لا يجوز الحمل على شئ حتى يحضر وقت الحاجة. وعند ذلك توجد القرينة فيطلع المكلف عليها ويعمل بما تقتضيه (4).
والعجب من السيد - رحمه الله - انه تكلم على المانعين من تأخير بيان المجمل بمثل هذا، ولم يتنبه لورود (5) نظيره عليه، حيث قال:
(ومن قوي ما يلزمونه أنه يقال (6) لهم: إذا جوزتم أن يخاطب بالمجمل و يكون بيانه في الأصول، ويكلف (7) المخاطب بالرجوع إلى الأصول ليعرف المراد، فما الذي يجب أن يعتقد هذا المخاطب إلى أن يعرف من الأصول المرد.
فان قالوا: يتوقف عن اعتقاد التفصيل ويعتقد في الجملة أنه يمتثل بما بين له (8).
قلنا: أي فرق بين (9) هذا القول وبين قول من جوز تأخير البيان؟
فإذا قالوا: الفرق بينهما أنه إذا خوطب - وفي الأصول بيان - فهو متمكن