المرام، وتزداد (1) بتذكرها بصيرة في تحقيق المقام. وهي: أن الواضع لابد له من تصور المعنى في الوضع. فان تصور معنا جزئيا، وعين بإزائه لفظا مخصوصا، أو ألفاظا مخصوصة، متصورة تفصيلا أو إجمالا، كان الوضع خاصا، لخصوص التصور المعتبر فيه أعني تصور المعنى، والموضوع له خاصا أيضا. وهو ظاهر، لا لبس فيه. وإن تصور معنى عاما، يندرج تحته جزئيات إضافية أو حقيقية، فله أن يعين لفظا معلوما أو ألفاظا معلومة بالتفصيل أو الاجمال بإزاء ذلك المعنى العام.
فيكون الوضع عاما، لعموم التصور المعتبر فيه، والموضوع له أيضا عاما. وله أن يعين اللفظ أو الألفاظ بإزاء خصوصيات الجزئيات المندرجة تحته، لأنها معلومة إجمالا، إذا توجه (2) العقل بذلك المفهوم العام نحوها، والعلم الاجمالي كاف في الوضع، فيكون الوضع عاما، لعموم التصور المعتبر فيه، والموضوع له (3) خاصا.
فمن القسم الأول من هذين: المشتقات. فان الواضع وضع صيغة " فاعل " مثلا، من كل مصدر لمن قام به مدلوله، وصيغة " مفعول " منه لمن وقع عليه.
وعموم الوضع والموضوع له في ذلك بين.
ومن القسم الثاني: المبهمات، كاسم الإشارة، فلفظ (4): " هذا " مثلا، موضوع لخصوص كل فرد مما (5) يشار به إليه، لكن باعتبار تصور الواضع للمفهوم العام، وهو كل مشار إليه مفرد مذكر، ولم يضع (6) اللفظ لهذا المعنى الكلي (7)، بل لخصوصيات تلك الجزئيات المندرجة تحته. وإنما حكموا بذلك، لان لفظ (8) (هذا) لا يطلق إلا على الخصوصيات، فلا يقال: " هذا "، ويراد واحد مما يشار إليه (9)، بل لابد في إطلاقه من القصد إلى خصوصية معينة، فلو كان موضوعا للمعنى العام