وقوله تعالى: (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما)، أي إن كان تسليم بعضهم على بعض، أو تسليم الملائكة عليهم لغوا، فلا يسمعون لغوا إلا ذلك، فهو من باب قوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب ومنه قوله تعالى: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)، فإن الناس استشكلوا وجه الاستثناء، مع أنهم لا يذوقون فيها الموت مطلقا. ومقتضى استثنائها من النفي أنهم يذوقونها في الجنة وليس كذلك.
ووجهه الزمخشري بأنه من التوكيد في الدلالة، والموتة الأولى لا يذوقونها أصلا، إذ يستحيل عود ما وقع، فلا يذوقون فيها الموت أصلا، أي إن كانوا يذوقون فلا يكون ذلك إلا الموتة الأولى، وإن كان إيقاع الموتة الأولى في الجنة مستحيلا، فعرض بالاستثناء إلى استحالة الموت فيها.
هذا إن جعلنا الاستثناء متصلا، فإن كان منقطعا، فالمعنى: " لكن الموتة الأولى قد ذاقوها ".
ويحتمل على الاتصال أن يكون المعنى فيها، أي في مقدماتها، لأن الذي يرى مقامه في الجنة عند موته ينزل منزلة من هو فيها، بتأويل الذوق على معنى المستحيل.
فهذه ثلاثة أوجه.
القسم الموفى العشرين الاستثناء والاستدراك ووجه التأكيد فيه أنه ثنى ذكره مرتين، مرة في الجملة ومرة في التفصيل.