قال الواحدي فأما قوله تعالى: (ثم اتخذتم العجل من بعده) وقوله:
(باتخاذكم العجل) (اتخذوه وكانوا ظالمين) (إن الذين اتخذوا العجل) فالتقدير في هذا كله: اتخذوه إلها، فحذف المفعول الثاني.
والدليل على ذلك أنه لو كان على ظاهره، لكان من صاغ عجلا أو نحوه، أو عمله بضرب من الأعمال، استحق الغضب من الله، لقوله: (سينالهم غضب من ربهم) وفيما قاله نظر، لأن الواقع أن أولئك عبدوه، فالتقدير على هذا في المتعدي لواحد أن الذين اتخذوا العجل وعبدوه، ولهذا جوز الشيخ أثير الدين في هذه الآيات كلها أن تكون " اتخذ " فيها متعدية إلى واحد، قال: ويكون ثم جملة محذوفة، تدل على المعنى، وتقديره:
" وعبدتموه إلها " ورجحه على القول الآخر بأنها لو كانت متعدية في هذه القصة لاثنين لصرح بالثاني ولو في موضع واحد.
* * * الضرب الثاني ألا يكون المفعول مقصودا أصلا، وينزل الفعل المتعدي منزلة القاصر، وذلك عند إرادة وقوع نفس الفعل فقط، وجعل المحذوف نسيا منسيا، كما ينسى الفاعل عند بناء الفعل، فلا يذكر المفعول، ولا يقدر، غير أنه لازم الثبوت عقلا لموضوع كل فعل متعد، لأن الفعل لا يدري تعيينه.
وبهذا يعلم أنه ليس كل ما هو لازم من موضوع الكلام مقدرا فيه، كقوله تعالى:
(فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا).