ومعنى كونه زائدا أن أصل المعنى حاصل بدونه دون التأكيد، فبوجوده حصل فائدة التأكيد، والواضع الحكيم لا يضع الشئ إلا لفائدة.
وسئل بعض العلماء عن التوكيد بالحرف، وما معناه، إذ اسقاط كل الحرف لا يخل بالمعنى؟
فقال: هذا يعرفه أهل الطباع إذ يجدون أنفسهم بوجود الحرف على معنى زائد لا يجدونه بإسقاط الحرف، قال: ومثال ذلك مثال العارف بوزن الشعر طبعا، فإذا تغير البيت بزيادة أو نقص أنكره وقال: أجد في نفسي على خلاف ما أجده بإقامة الوزن، فكذلك هذه الحروف تتغير نفس المطبوع عند نقصانها، ويجد نفسه بزيادتها على معنى بخلاف ما يجدها بنقصانه.
* * * الثاني: حق الزيادة أن تكون في الحرف وفي الأفعال كما سبق، وأما الأسماء فنص أكثر النحويين على أنها لا تزاد. ووقع في كلام كثير من المفسرين الحكم عليها في بعض المواضع بالزيادة، كقول الزمخشري في قوله تعالى: (يخادعون الله والذين آمنوا):
إن اسم الجلالة مقحم، ولا يتصور مخادعتهم لله تعالى.
* * * الثالث: حقها أن تكون آخرا وحشوا، وأما وقوعها أولا فلما فيه من التناقض، إذ قضية الزيادة إمكان اطراحها، وقضية التصدير الاهتمام، ومن ثم ضعف قول بعضهم بزيادة " لا " في قوله تعالى: (لا أقسم بيوم القيامة). وأبعد منه قول آخر:
إنها بمعنى " إلا "، والظاهر أنها ردا لكلام تقدم في إنكار البعث، أي ليس الأمر كما تقولون، ثم قال بعده: (أقسم بيوم القيامة)، وعليه فيجوز الوقف على " لا " وفيه بعد.