" وتدعون " كما قال هذا القائل لوقع الإلباس على القارئ فيجعلهما بمعنى واحد تصحيفا منه، وحينئذ فينخرم اللفظ، إذا قرأ و " تدعون " الثانية بسكون الدال، لا سيما وخط المصحف الإمام لا ضبط [فيه] ولا نقط.
قال: ومما صحف من القرآن بسبب ذلك وليس بقراءة قوله تعالى: (قال عذابي أصيب به من أشاء) بالسين المهملة.
وقوله: (إلا عن موعدة وعدها إياه) بالباء الموحدة.
وقوله: (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) بالعين المهملة.
وقرأ ابن عباس " من فرعون " على الاستفهام.
قلت: وأجاب الجويني عن هذا بما يمكن أن يتخلص منه: أن " يذر " أخص من " يدع " وذلك لأن الأول، بمعنى ترك الشيء اعتناء به، بشهادة الاشتقاق، نحو الإيداع، فإنه عبارة عن ترك الوديعة مع الاعتناء بحالها، ولهذا يختار لها من هو مؤتمن عليها، ومن ذلك الدعة بمعنى الراحة. وأما " تذر " فمعناها الترك مطلقا، والترك مع الإعراض والرفض الكلي، ولا شك أن السياق إنما يناسب هذا دون الأول، فأريد هنا تبشيع حالهم في الإعراض عن ربهم، وأنهم بلغوا الغاية في الإعراض.
قلت: ويؤيده قول الراغب: يقال: فلا يذر الشيء أي يقذفه لقلة الاعتداد به.
والوذرة قطعة من اللحم [وتسميتها بذلك] لقلة الاعتداد به، نحو قولهم [فيم لا يعتد به]: هو لحم على وضم، قال تعالى: (أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا). وقال تعالى:
(ويذرك وآلهتك). (فذرهم وما يفترون) (وذروا ما بقي من الربا)