لا إلى الماء نفسه، نحو نزلت بعين، فصار كقوله: مكانا يشرب به.
وعلى هذا: (فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب)، قاله الراغب.
وهذا بخلاف المجاز، فإن فيه العدول عن مسماه بالكلية، ويراد به غيره، كقوله:
(جدارا يريد أن ينقض)، فإنه استعمل " أراد " في معنى مقاربة السقوط، لأنه من لوازم الإرادة، وإن من أراد شيئا فقد قارب فعله، ولم يرد باللفظ هذا المعنى الحقيقي الذي هو الإرادة البتة. والتضمين أيضا مجاز، لأن اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا، والجمع بينهما مجاز خاص يسمونه بالتضمين، تفرقه بينه وبين المجاز المطلق.
ومن التضمين قوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)، لأنه لا يقال: رفثت إلى المرأة، لكن لما كان بمعنى الإفضاء ساغ ذلك.
وهكذا قوله: (هل لك إلى أن تزكى)، وإنما يقال: هل لك في كذا؟
لكن المعنى أدعوك إلى أن تزكى.
وقوله: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده)، فجاء ب " عن "، لأنه ضمن التوبة معنى العفو والصفح.
وقوله: (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، وإنما يقال: خلوت به، لكن ضمن " خلوا " معنى " ذهبوا " " وانصرفوا "، وهو معادل لقوله: (لقوا)، وهذا أولى من قول من قال: إن " إلى " هنا بمعنى الباء، أو بمعنى " مع ".
وقال مكي: إنما لم تأت الباء، لأنه يقال: خلوت به إذا سخرت منه، فأتى ب " إلى " لدفع هذا الوهم.