سوق السحاب إلى البلد إحياء للأرض بعد موتها بالمطر، دالا على القدرة الباهرة، والآية العظيمة التي لا يقدر عليها غيره، عدل عن لفظ الغيبة إلى التكلم، لأنه أدخل في الاختصاص، وأدل عليه وأفخم.
وفيه معنى آخر، وهو أن الأقوال المذكورة في هذه الآية، منها ما أخبر به سبحانه بسببه، وهو سوق السحاب، فإنه يسوق الرياح، فتسوقه الملائكة بأمره، وإحياء الأرض به بواسطة إنزاله، وسائر الأسباب التي يقتضيها حكمه وعلمه وعادته سبحانه في كل هذه الأفعال أن يخبر بها بنون التعظيم، الدالة على أن له جندا وخلقا قد سخرهم في ذلك، كقوله تعالى: (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه)، أي إذا قرأه رسولنا جبريل. وقوله: (يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ رزقا).
وأما إرسال السحاب فهو سحاب يأذن في إرسالها، ولم يذكر له سببا، بخلاف سوق السحاب، وإنزال المطر فإنه قد ذكر أسبابه: (أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها). (أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة).
وجعل الزمخشري منه قوله: في سورة طه: (وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى). وزعم الجرجاني أن في هذه الآية التفاتا، وجعل قوله:
(وأنزل من السماء ماء) آخر كلام موسى، ثم ابتدأ الله تعالى فأخبر عن نفسه بأوصافه لمعالجتها.
وأشار الزمخشري إلى أن فائدة الالتفات إلى التكلم في هذه المواضع التنبيه على