أمدح، كما قيل: (يعلم سركم وجهركم)، و (عالم الغيب والشهادة) (والله يعلم يعلم ما تسرون وما تعلنون).
فإن قلت: فقد قال تعالى: (يعلم السر وأخفى).
قلت: لأجل تناسب رؤوس الآي.
ومنها أن يقع التقديم في موضع والتأخير في آخر، واللفظ واحد، والقصة واحدة، للتفنن في الفصاحة، وإخراج الكلام على عدة أساليب، كما في قوله تعالى:
(وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة)، وقوله: (وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا).
وقوله: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم)، وقوله: (وختم على سمعه وقلبه)، قال الزمخشري في كشافه القديم: علم بذلك أن كلا الطريقين داخل تحت الحسن، وذلك لأن العطف في المختلفين، كالتثنية في المتفقين، فلا عليك أن تقدم أيهما شئت، فإنه حسن مؤد إلى الغرض. وقد قال سيبويه: ولم يجعل للرجل منزلة بتقديمك إياه، بكونه أولى بها من الجائي، كأنك قلت: مررت بهما، يعني في قولك: مررت برجل وجاءني، إلا أن الأحسن تقديم الأفضل، فالقلب رئيس الأعضاء، والمضغة لها الشأن، ثم السمع طريق إدراك وحي الله، وكلامه الذي قامت به السماوات والأرض، وسائر العلوم التي هي الحياة كلها.
قلت: وقد سبق توجيه كل موضع بما ورد فيه من الحكمة.