استرعاه رعية فوجب عليه حفظها والذب عنها، وهو داخل في الخبر المشهور: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ".
ويقال: إن سليمان عليه السلام لم يضحك في عمره إلا مرة واحدة، وأخرى حين أشرف على وادي النمل فرآها على كبر الثعالب، لها خراطيم وأنياب، فقال رئيسهم: ادخلوا مساكنكم، فخرج كبير النمل في عظم الجواميس، فلما نظر إليه سليمان هاله، فأراه الخاتم، فخضع له، ثم قال: أهذه كلها نمل؟ فقال: إن النمل لكبير، إنها ثلاثة أصناف: صنف في الجبال، وصنف في القرى، وصنف في المدن. فقال سلميان عليه السلام: اعرضها علي، فقال له: قف. فبقي سليمان عليه السلام تسعين يوما واقفا، يمر عليه النمل، فقال:
هل انقطعت عساكركم، فقال ملك النمل: لو وقفت إلى يوم القيامة ما انقطعت.
فذكر الجنيد أن سليمان عليه السلام قال لعظيم النمل: لم قلت للنمل: ادخلوا مساكنكم؟
أخفت عليهم من ظلمنا؟ قال: لا، ولكن خفت أن يفتتنوا بما رأوا من ملكك، فيشغلهم ذلك عن طاعة الله.
وقوله: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم. قل يحييها الذي أنشأها أول مرة)، وهذا أشد ما يكون من الحجاج.
وقوله: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون)، وهذا أعظم ما يكون من التحسير.
وقوله: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، وهذا أشد ما يكون من التنفير عن الخلة إلا على التقوى.