وقوله: (فلما أسلما وتله للجبين)، أي رحما وسعدا وتله. وابن عطية يجعل التقدير: فلما أسلما أسلما، وهو مشكل.
وقوله: (واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا)، المعنى حتى إذا كان ذلك ندم الذين كفروا ولم ينفعهم، إيمانهم، لأنه من الآيات والأشراط.
* * * وقد يجيء في الكلام شرطان، ويحذف جواب أحدهما اكتفاء بالآخر كقوله تعالى:
(وأما إن كان من أصحاب اليمين) في الاعتراض به مجرى الظرف، لأن الشرط وإن كان جملة، فإنه لما لم يقم بنفسه جرى مجرى الجزء الواحد، ولو كان عنده جملة لما جاز الفصل به بين " أما " وجوابها، لأنه لا يجوز: أما زيد فمنطلق، وذهب الأخفش إلى أن الفاء جواب لهما.
ونظيره: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم) فقوله: (لعذبنا) جواب للولا ولو جميعا.
واختار ابن مالك قول سيبويه أن الجواب " لأما " واستغنى به عن جواب " إن " لأن الجواب لأول الشرطين المتواليين في قوله: (إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم) ونظائره.
فإذا كان أول الشرطين " أما " كانت أحق بذلك لوجهين:
أحدهما: أن جوابها إذا انفردت لا يحذف أصلا، وجواب غيرها إذا انفرد يحذف كثيرا.
لدليل، وحذف ما عهد حذفه أولى من حذف ما لم يعهد.