وكان في حكم المنطوق به، فالدلالة عليه من وجهين: اقتضاء الفعل له، واقتضاء الصلة إذا كان العائد.
ومنه قوله تعالى: (وما عملت أيديهم) في قراءة حمزة والكسائي بغير هاء، أي ما عملته، بدليل قراءة الباقين، ف " ما " في موضع خفض للعطف على (ثمره).
ويجوز أن تكون " ما " نافية، والمعنى: ليأكلوا من ثمره ولم تعمله أيديهم، فيكون أبلغ في الامتنان. ويقوى ذلك قوله تعالى: (أفرأيتم ما تحرثون. أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون)، وعلى هذا فلا تكون الهاء مراده، لأنها غير موصولة.
وجعل بعضهم منه قوله تعالى: (ويشرب مما تشربون)، وهو فاسد، لأن " شرب " يتعدى بنفسه.
والغرض حينئذ بالحذف أمور:
منها: قصد الاختصار عند قيام القرائن، والقرائن إما حالية كما في قوله تعالى: (رب أرني أنظر إليك)، لظهور أن المراد: أرني ذاتك. ويحتمل أن يكون هاب المواجهة بذلك، ثم براه الشوق. ويجوز أن يكون أخر ليأتي به مع الأصرح، لئلا يتكرر هذا المطلوب العظيم على المواجهة إجلالا.
ومنه قوله تعالى: (على أن تأجرني)، الظاهر أنه متعد حذف مفعوله، أي تأجرني نفسك.
وجعل منه السكاكي قوله تعالى: (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر