وقيل: الهاء عائدة على غير ما تقدم لقوة هذا الكلام، بدليل أن الفعل تعدى بنفسه والأول بغيره، وإنما هذه الآية كناية عما سأل قوم موسى، وقوم عيسى من الآيات، ثم كفروا، فمعنى السؤال الأول والثاني الاستفهام، ومعنى الثالث طلب الشئ.
وقوله: (حرمت عليكم الميتة)، أي تناولها، لأن الأحكام لا تتعلق بالأجرام إلا بتأويل الأفعال.
وقيل: إن الميتة يعبر بها عن تناولها فلا حذف، ولو كان ثم حذف لم يؤنث الفعل، ولأن المركب إنما يحذف إذا كان للكلام دلالة غير الدلالة الإفرادية، والمفهوم من هذا التركيب التناول من غير تقدير، فيكون اللفظ موضوعا له، والمشهور في الأصول أنه من محال الحذف.
وقوله تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين)، فهاهنا إضمار، لأن قائلا لو قال: " من عمل صالحا جعلته في جملة الصالحين " لم يكن فائدة، وإنما المعنى لندخلنهم في زمرة الصالحين.
وقوله: (تجعلونه قراطيس)، أي ذا قراطيس، أو مكتوب في قراطيس، (تبدونها)، أي تبدون مكتوبها.
وقوله: (وتخفون كثيرا)، ليس المعنى تخفونها إخفاء كثيرا، ولكن التقدير:
تخفون كثيرا من إنكار ذي القراطيس، أي يكتمونه فلا يظهرونه، كما قال تعالى:
(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في