ومنه قوله تعالى: (وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء)، تقديره: " أدخل يدك تدخل، وأخرجها تخرج "، إلا أنه قد عرض في هذه المادة تناسب بالطباق، فلذلك بقي القانون فيه، الذي هو نسبة الأول إلى الثالث، ونسبة الثاني إلى الرابع على حالة الأكثرية، فلم يتغير عن موضعه، ولم يجعل بالنسبة التي بين الأول والثاني، وبين الثالث والرابع وهي نسبة النظير، كقوله:
وإني لتعروني لذكراك هزة * كما انتفض العصفور بلله القطر أي هزة بعد انتفاضة، كما انتفض العصفور بلله القطر، ثم اهتز. كذا قاله جماعة.
وأنكره ابن الصائغ، وقال: هذا التقدير لا يحتاج إليه ولو يكون لكان خلفا، وإنما أحوجهم إليه أنهم رأوا أنه لا يلزم من إدخالها خروجها، و " يخرج " مجزوم على الجواب، فاحتاج أن نقدر جوابا لازما، وشرطا ملزوما، حذفا لأنهما نظير ما ثبت، لكن وقع في تقدير ما لا يفيد، لأنه معلوم أنه إن أدخلها تدخل، لكنه قد يقدره تقديرا بعيدا، وهو: أدخلها تدخل كما هي، وأخرجها تخرج بيضاء، وهو بعد ذلك ضعيف، فيقال له:
لا يلزم في الشرط وجوابه أن يكون اللزوم بينهما ضروريا بالفعل، فإذا قيل: إن جاءني زيد أكرمته، فهذا اللازم بالوضع، وليس بالضرورة، والإكرام لازم للمجئ، بل لوضع المتكلم فالموضوع هنا أن الإدخال سبب في خروجها بيضاء بقدرة الله تعالى، ألا ترى أنه لا يلزم من اخراجها أن تخرج بيضاء لزوما ضروريا إلا بضرورة صدق الوعد. فإن قال:
لم أرد هذا، وإنما أردت أنها لا تخرج إلا حتى تخرج. قيل: هذا من المعلوم الذي لا معنى للتنصيص عليه.
ومنه قوله تعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا)، أصل الكلام: خلطوا عملا صالحا بسئ، وآخر سيئا بصالح، لأن الخلط يستدعي مخلوطا