ملوك الروم مني ما أعطوني من المال والجاه، فالله تعالى بين أن أموالهم وأولادهم لا تدفع عنهم عذاب الله في الدنيا والآخرة.
والقول الثاني: أن اللفظ عام، وخصوص السبب لا يمنع عموم اللفظ.
المسألة الثانية: إعلم أن كمال العذاب هو أن يزول عنه كل ما كان منتفعا به، ثم يجتمع عليه جميع الأسباب المؤلمة. أما الأول: فهو المراد بقوله * (لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم) * وذلك لأن المرء عند الخطوب والنوائب في الدنيا يفزع إلى المال والولد، فهما أقرب الأمور التي يفزع المرء إليها في دفع الخطوب فبين الله تعالى أن صفة ذلك اليوم مخالفة لصفة الدنيا لأن أقرب الطرق إلى دفع المضار إذا لم يتأت في ذلك اليوم، فما عداه بالتعذر أولى، ونظير هذه الآية قوله تعالى: * (يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم) * (الشعراء: 88، 89) وقوله * (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا) * (الكهف: 46) وقوله * (ونرثه ما يقول ويأتينا فردا) * (مريم: 80) وقوله * (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم) * (مريم: 80).
وأما القسم الثاني: من أسباب كمال العذاب، فهو أن يجتمع عليه الأسباب المؤلمة، وإليه الإشارة بقوله تعالى: * (وأولئك هم وقود النار) * وهذا هو النهاية في شرح العذاب فإنه لا عذاب أزيد من أن تشتعل النار فيهم كاشتعالها في الحطب اليابس، والوقود بفتح الواو الحطب الذي توقد به النار، وبالضم هو مصدر وقدت النار وقودا كقوله: وردت ورودا.
المسألة الثالثة: في قوله * (من الله) * قولان أحدهما: التقدير: لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه والثاني: قال أبو عبيدة * (من) * بمعنى عند، والمعنى لن تغني عند الله شيئا.
قوله تعالى * (كدأب ءال فرعون والذين من قبلهم كذبوا بأياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب) *.
يقال: دأبت الشيء أدأب دأبا ودؤبا إذا أجهدت في الشيء وتعبت فيه، قال الله تعالى: * (سبع