الأول: المراد بهم اليهود، واختلافهم أن موسى عليه السلام لما قربت وفاته سلم التوراة إلى سبعين حبرا، وجعلهم أمناء عليها واستخلف يوشع، فلما مضى قرن بعد قرن اختلف أبناء السبعين من بعد ما جاءهم العلم في التوراة بغيا بينهم، وتحاسدوا في طلب الدنيا والثاني: المراد النصارى واختلافهم في أمر عيسى عليه السلام بعد ما جاءهم العلم بأنه عبد الله ورسوله والثالث: المراد اليهود والنصارى واختلافهم هو أنه قالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقالوا: نحن أحق بالنبوة من قريش، لأنهم أميون ونحن أهل الكتاب.
المسألة الثانية: قوله * (إلا من بعد ما جاءهم العلم) * المراد منه إلا من بعد ما جاءتهم الدلائل التي لو نظروا فيها لحصل لهم العلم، لأنا لو حملناه على العلم لصاروا معاندين والعناد على الجمع العظيم لا يصح، وهذه الآية وردت في كل أهل الكتاب وهم جمع عظيم.
المسألة الثالثة: في انتصاب قوله * (بغيا) * وجهان الأول: قول الأخفش إنه انتصب على أنه مفعول له أي للبغي كقولك: جئتك طلب الخير ومنع الشر والثاني: قول الزجاج إنه انتصب على المصدر من طريق المعنى، فإن قوله * (وما اختلف الذين أوتوا الكتاب) * قائم مقام قوله: وما بغى الذين أوتوا الكتاب فجعل * (بغيا) * مصدرا، والفرق بين المفعول له وبين المصدر أن المفعول له غرض للفعل، وأما المصدر فهو المفعول المطلق الذي أحدثه الفاعل.
المسألة الرابعة: قال الأخفش قوله * (بغيا بينهم) * من صلة قوله * (اختلف) * والمعنى: وما اختلفوا بغيا بينهم إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم، وقال غيره: المعنى وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم إلا للبغي بينهم، فيكون هذا إخبارا عن أنهم إنما اختلفوا للبغي، وقال القفال: وهذا أجود من الأول، لأن الأول: يوهم أنهم اختلفوا بسبب ما جاءهم من العلم، والثاني: يفيد أنهم إنما اختلفوا لأجل الحسد والبغي.
ثم قال تعالى: * (ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) * وهذا تهديد، وفيه وجهان: الأول: المعنى فإنه سيصير إلى الله تعالى سريعا فيحاسبه أي يجزيه على كفره والثاني: أن الله تعالى سيعلمه بأعماله ومعاصيه وأنواع كفره بإحصاء سريع مع كثرة الأعمال.
قوله تعالى * (فإن حآجوك فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب