وحسن خدمتك، فإن هذا أعظم وقعا مما إذا قال له: إن أجرك واصل إليك.
قوله تعالى * (الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: في كيفية النظم أقوال الأول: لما بين في هذه الآية المتقدمة أن أكمل من تصرف إليه النفقة من هو بين في هذه الآية أن أكمل وجوه الإنفاق كيف هو، فقال: * (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم) * والثاني: أنه تعالى ذكر هذه الآية لتأكيد ما تقدم من قوله * (إن تبدو الصدقات فنعما هي) * (البقرة: 274) والثالث: أن هذه الآية آخر الآيات المذكورة في أحكام الإنفاق، فلا جرم أرشد الخلق إلى أكمل وجوه الإنفاقات.
المسألة الثانية: في سبب النزول وجوه الأول: لما نزل قوله تعالى: * (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) * بعت عبد الرحمن بن عوف إلى أصحاب الصفة بدنانير، وبعث علي رضي الله عنه بوسق من تمر ليلا، فكان أحب الصدقتين إلى الله تعالى صدقته، فنزلت هذه الآية فصدقة الليل كانت أكمل والثاني: قال ابن عباس: إن عليا عليه السلام ما كان يملك غير أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلا، وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا، وبدرهم علانية، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما حملك على هذا؟ فقال: أن استوجب ما وعدني ربي، فقال: لك ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية والثالث: قال صاحب " الكشاف ": نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين تصدق بأربعين ألف دينار: عشرة بالليل، وعشرة بالنهار، وعشرة في السر، وعشرة في العلانية والرابع: نزلت في علف الخيل وارتباطها في سبيل الله، فكان أبو هريرة إذا مر بفرس سمين قرأ هذه الآية الخامس: أن الآية عامة في الذين يعمون الأوقات والأحوال بالصدقة تحرضهم على الخير، فكلما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخروها ولم يعلقوها بوقت ولا حال، وهذا هو أحسن الوجوه، لأن هذا آخر الآيات المذكورة في بيان حكم الإنفاقات فلا جرم ذكر فيها أكمل وجوه الإنفاقات والله أعلم.