صلدا، ونظير قوله * (ويربي الصدقات) * المثل الذي ضربه الله بحبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة.
أما قوله * (والله لا يحب كل كفار أثيم) * فاعلم أن الكفار فعال من الكفر، ومعناه من كان ذلك منه عادة، والعرب تسمي المقيم على الشيء بهذا، فتقول: فلان فعال للخير أمار به، والأثيم فعيل بمعنى فاعل، وهو الآثم، وهو أيضا مبالغة في الاستمرار على اكتساب الآثام والتمادي فيه، وذلك لا يليق إلا بمن ينكر تحريم الربا فيكون جاحدا، وفيه وجه آخر وهو أن يكون الكفار راجعا إلى المستحيل والأثيم يكون راجعا إلى من يفعله مع اعتقاد التحريم، فتكون الآية جامعة للفريقين.
* (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلوة وآتوا الزكوة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *.
إعلم أن عادة الله في القرآن مطردة بأنه تعالى مهما ذكر وعيدا ذكر بعده وعدا فلما بالغ ههنا في وعيد المرابي أتبعه بهذا الوعد، وقد مضى تفسير هذه الآية في غير موضع، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: احتج من قال بأن العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان بهذه الآية فإنه قال: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * فعطف عمل الصالحات على الإيمان والمعطوف مغاير للمعطوف عليه ومن الناس من أجاب عنه أليس أنه قال في هذه الآية * (وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) * مع أنه لا نزاع في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة داخلان تحت * (وعملوا الصالحات) * فكذا فيما ذكرتم، وأيضا قال تعالى: * (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) * (محمد: 34) وقال: * (الذين كفروا وكذبوا بآياتنا) * (البقرة: 239) (المائدة: 5، 10).
وللمستدل الأول أن يجيب عنه بأن الأصل حمل كل لفظة على فائدة جديدة ترك العمل به عند التعذر، فيبقى في غير موضع التعذر على الأصل.
المسألة الثانية: * (لهم أجرهم عند ربهم) * أقوى من قوله: على ربهم أجرهم لأن الأول يجري مجرى ما إذا باع بالنقد، فذاك النقد هناك حاضر متى شاء البائع أخذه، وقوله: أجرهم على ربهم.