بصدقة التطوع، وجوز أبو حنيفة رضي الله عنه صرف صدقة الفطر إلى أهل الذمة، وأباه غيره، وعن بعض العلماء: لو كان شر خلق الله لكان لك ثواب نفقتك.
ثم قال تعالى: * (وما تنفقوا من خير يوف إليكم) * أي يوف إليكم جزاؤه في الآخرة، وإنما حسن قوله * (إليكم) * مع الترفيه لأنها تضمنت معنى التأدية.
ثم قال: * (وأنتم لا تظلمون) * أي لا تنقصون من ثواب أعمالكم شيئا لقوله تعالى: * (آتت أكلها ولم تظلم ومنه شيئا) * (الكهف: 33) يريد لم تنقص.
قوله تعالى * (للفقرآء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الارض يحسبهم الجاهل أغنيآء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) *.
إعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أنه يجوز صرف الصدقة إلى أي فقير كان، بين في هذه الآية أن الذي يكون أشد الناس استحقاقا بصرف الصدقة إليه من هو؟ فقال: * (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اللام في قوله * (للفقراء) * متعلق بماذا فيه وجوه الأول: لما تقدمت الآيات الكثيرة في الحث على الانفاق، قال بعدها * (للفقراء) * أي ذلك الإنفاق المحثوث عليه للفقراء، وهذا كما إذا تقدم ذكر رجل فتقول: عاقل لبيب، والمعنى أن ذلك الذي مر وصفه عاقل لبيب، وكذلك الناس يكتبون على الكيس الذي يجعلون فيه الذهب والدراهم: ألفان ومائتان أي ذلك الذي في الكيس ألفان ومائتان هذا أحسن الوجوه الثاني: أن تقدير الآية اعمدوا للفقراء واجعلوا ما تنفقون للقراء الثالث: يجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوف والتقدير وصدقاتكم للفقراء.
المسألة الثانية: نزلت في فقراء المهاجرين، وكانوا نحو أربعمائة، وهم أصحاب الصفة لم يكن لهم مسكن ولا عشائر بالمدينة، وكانوا ملازمين المسجد، ويتعلمون القرآن، ويصومون ويخرجون