فبالجزم أما الرفع فعلى الاستئناف، والتقدير: فهو يغفر، وأما الجزم فبالعطف على يحاسبكم ونقل عن أبي عمرو أنه أدغم الراء في اللام في قوله * (يغفر لمن يشاء) * قال صاحب " الكشاف ": إنه لحن ونسبته إلى أبي عمرو كذب، وكيف يليق مثل هذا اللحن بأعلم الناس بالعربية. ثم قال: * (والله على كل شيء قدير) * وقد بين بقوله * (لله ما في السماوات وما في الأرض) * أنه كامل الملك والملكوت، وبين بقوله * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) * أنه كامل العلم والإحاطة، ثم بين بقوله * (والله على كل شيء قدير) * أنه كامل القدرة مستولي على كل الممكنات بالقهر والقدرة والتكوين والإعدام ولا كمال أعلى وأعظم من حصول الكمال في هذه الصفات والموصوف بهذه الكمالات يجب على كل عاقل أن يكون عبدا منقادا له، خاضعا لأوامره ونواهيه محترزا عن سخطه ونواهيه، وبالله التوفيق.
قوله تعالى * (ءامن الرسول بمآ أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) * .
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: في كيفية النظم وجوه الأول: وهو أنه تعالى لما بين في الآية المتقدمة كمال الملك، وكمال العلم، وكمال القدرة لله تعالى، وذلك يوجب كمال صفات الربوبية أتبع ذلك بأن بين كون المؤمنين في نهاية الانقياد والطاعة والخضوع لله تعالى، وذلك هو كمال العبودية وإذا ظهر لنا كمال الربوبية، وقد ظهر منا كمال العبودية، فالمرجو من عميم فضله وإحسانه أن يظهر يوم القيامة في حقنا كمال العناية والرحمة والإحسان اللهم حقق هذا الأمل.
الوجه الثاني في النظم: أنه تعالى لما قال: * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) * (القبرة: 284) بين أنه لا يخفى عليه من سرنا وجهرنا وباطننا وظاهرنا شيء البتة، ثم إنه تعالى ذكر عقيب ذلك ما يجري مجرى المدح لنا والثناء علينا، فقال: * (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون) * كأنه بفضله يقول