أي شديد وجهنم معروفة أعاذنا الله منها بفضله.
* (قد كان لكم ءاية في فئتين التقتا فئة تقاتل فى سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشآء إن فى ذلك لعبرة لاولى الابصار) *.
إعلم أن في الآية مسائل:
المسألة الأولى: لم يقل: قد كانت لكم آية، بل قال: * (قد كان لكم آية) * وفيه وجهان:
الأول: أنه محمول على المعنى، والمراد: قد كان لكم إتيان هذا آية.
والثاني: قال الفراء: إنما ذكر للفصل الواقع بينهما، وهو قوله * (لكم) *.
المسألة الثانية: وجه النظم أنا ذكرنا أن الآية المتقدمة، وهي قوله تعالى: * (ستغلبون وتحشرون) * نزلت في اليهود، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى الإسلام أظهروا التمرد وقالوا ألسنا أمثال قريش في الضعف وقلة المعرفة بالقتال بل معنا من الشوكة والمعرفة بالقتال ما يغلب كل من ينازعنا فالله تعالى قال لهم إنكم وإن كنتم أقوياء وأرباب العدة والعدة فإنكم ستغلبون ثم ذكر الله تعالى ما يجري الدلالة على صحة ذلك الحكم، فقال: * (قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة) * يعني واقعة بدر كانت كالدلالة على ذلك لأن الكثرة والعدة كانت من جانب الكفار والقلة وعدم السلاح من جانب المسلمين ثم إن الله تعالى قهر الكفار وجعل المسلمين مظفرين منصورين وذلك يدل على أن تلك الغلبة كانت بتأييد الله ونصره، ومن كان كذلك فإنه يكون غالبا لجميع الخصوم، سواء كانوا أقوياء أو لم يكونوا كذلك فهذا ما يجري مجرى الدلالة على أنه عليه السلام يهزم هؤلاء اليهود ويقهرهم وإن كانوا أرباب السلاح والقوة، فصارت هذه الآية كالدلالة على صحة قوله * (قل للذين كفروا ستغلبون) * الآية، فهذا هو الكلام في وجه النظم.
المسألة الثالثة: * (الفئة) * الجماعة، وأجمع المفسرون على أن المراد بالفئتين: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم بدر ومشركو مكة روي أن المشركين يوم بدر كانوا تسعمائة وخمسين رجلا، وفيهم أبو سفيان وأبو جهل، وقادوا مائة فرس، وكانت معهم من الإبل سبعمائة بعير،