غنيمة والاسترقاق لهم إلى غير ذلك من الذل الظاهر فيهم، وأما حبوطها في الآخرة فبإزالة الثواب إلى العقاب.
النوع الثالث من وعيدهم: قوله تعالى: * (وما لهم من ناصرين) *.
إعلم أنه تعالى بين بالنوع الأول من الوعيد اجتماع أسباب الآلام والمكروهات في حقهم وبين بالنوع الثاني زوال أسباب المنافع عنهم بالكلية وبين بهذا الوجه الثالث لزوم ذلك في حقهم على وجه لا يكون لهم ناصر ولا دافع والله أعلم. (23) قوله تعالى * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون * ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم فى دينهم ما كانوا يفترون * فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) *.
إعلم أنه تعالى لما نبه على عناد القوم بقوله * (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله) * (آل عمران: 20) بين في هذه الآية غاية عنادهم، وهو أنهم يدعون إلى الكتاب الذي يزعمون أنهم يؤمنون به، وهو التوراة ثم إنهم يتمردون، ويتولون، وذلك يدل على غاية عنادهم، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: ظاهر قوله * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * يتناول كلهم، ولا شك أن هذا مذكور في معرض الذم، إلا أنه قد دل دليل آخر، على أنه ليس كل أهل الكتاب كذلك لأنه تعالى يقول * (من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون) * (آل عمران: 113).
المسألة الثانية: قوله تعالى: * (أوتوا نصيبا من الكتاب المراد به غير القرآن لأنه أضاف الكتاب إلى الكفار، وهم اليهود والنصارى، وإذا كان كذلك وجب حمله على الكتاب الذي كانوا مقرين بأنه حق، ومن عند الله.