كان مقرونا بالألف واللام، وهذه مضافة.
قلنا: قد جاء المضاف من الأسماء ونعني به الكثرة، قال الله تعالى: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * (إبراهيم: 34) وقال الله تعالى: * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * (البقرة: 187) وهذا الإحلال شائع في جميع الصيام قال العلماء: والقراءة بالجمع أفضل لمشاكلة ما قبله وما بعده من لفظ الجمع ولأن أكثر القراءة عليه، واعلم أن القراء أجمعوا في قوله * (ورسله) * على ضم السين، وعن أبي عمرو سكونها، وعن نافع * (وكتبه ورسله) * مخففين، وحجة الجمهور أن أصل الكلمة على فعل بضم العين، وحجة أبي عمرو هي أن لا تتوالى أربع متحركات، لأنهم كرهوا ذلك، ولهذا لم تتوال هذه الحركات في شعر إلا أن يكون مزاحفا، وأجاب الأولون أن ذلك مكروه في الكلمة الواحدة أما في الكلمتين فلا بدليل أن الإدغام غير لازم في وجعل ذلك مع أنه قد توالى فيه خمس متحركات، والكلمة إذا اتصل بها ضمير فهي كلمتان لا كلمة واحدة.
المسألة الرابعة: قوله * (لا نفرق بين أحد من رسله) * فيه محذوف، والتقدير: يقولون لا نفرق بين أحد من رسله كقوله * (والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا) * (الأنعام: 93) معناه يقولون: أخرجوا وقال: * (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله) * (الزمر: 3) أي قالوا هذا.
المسألة الخامسة: قرأ أبو عمرو * (يفرق) * بالياء على أن الفعل لكل، وقرأ عبد الله * (لا يفرقون) *.
المسألة السادسة: أحد في معنى الجمع، كقوله * (فما منكم من أحد عنه حاجزين) * (الحاقة: 47) والتقدير: لا نفرق بين جميع رسله، هذا هو الذي قالوه، وعندي أنه لا يجوز أن يكون أحد ههنا في معنى الجمع، لأنه يصير التقدير: لا نفرق بين جميع رسله، وهذا لا ينافي كونهم مفرقين بين بعض الرسل والمقصود بالنفي هو هذا، لأن اليهود والنصارى ما كانوا يفرقون بين كل الرسل، بل بين البعض وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فثبت أن التأويل الذي ذكروه باطل، بل معنى الآية: لا نفرق بين أحد من الرسل، وبين غيره في النبوة، فإذا فسرنا بهذا حصل المقصود من الكلام، والله أعلم.
ثم قال الله تعالى: * (وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: الكلام في نظم هذه الآية من وجوه الأول: وهو أن كمال الإنسان في أن يعرف الحق لذاته، والخير لأجل العمل به، واستكمال القوة النظرية بالعلم، واستكمال القوة العملية بفعل الخيرات، والقوة النظرية أشرف من القوة العملية، والقرآن مملوء من ذكرهما بشرط أن تكون القوة النظرية مقدمة على العملية قال عن إبراهيم * (رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين) * (الشعراء: 83)