أنهم ليسوا من أهل القراءة والكتابة فهذه كانت صفة عامتهم وإن كان فيهم من يكتب فنادر من بينهم والله أعلم.
المسألة الثالثة: دلت هذه الآية على أن المراد بقوله * (فإن حاجوك) * عام في كل الكفار، لأنه دخل كل من يدعي الكتاب تحت قوله * (الذين أوتوا الكتاب) * ودخل من لا كتاب له تحت قوله * (الأميين) *.
ثم قال الله تعالى * (أأسلمتم) * فهو استفهام في معرض التقرير، والمقصود منه الأمر قال النحويون: إنما جاء بالأمر في صورة الاستفهام، لأنه بمنزلته في طلب الفعل والاستدعاء إليه إلا أن في التعبير عن معنى الأمر بلفظ الاستفهام فائدة زائدة، وهي التعبير بكون المخاطب معاندا بعيدا عن الانصاف، لأن المنصف إذا ظهرت له الحجة لم يتوقف بل في الحال يقبل ونظيره قولك لمن لخصت له المسألة في غاية التلخيص والكشف والبيان؛ هل فهمتها؟ فإن فيه الإشارة إلى كون المخاطب بليدا قليل الفهم، وقال الله تعالى في آية الخمر * (فهل أنتم منتهون) * (المائدة: 91) وفيه إشارة إلى التقاعد عن الانتهاء والحرص الشديد على تعاطي المنهي عنه.
ثم قال الله تعالى: * (فإن أسلموا فقد اهتدوا) * وذلك لأن هذا الإسلام تمسك بما هدي إليه، والمتمسك بهداية الله تعالى يكون مهتديا، ويحتمل أن يريد: فقد اهتدوا للفوز والنجاة في الآخرة إن ثبتوا عليه ثم قال: * (وإن تولوا) * عن الإسلام واتباع محمد صلى الله عليه وسلم: * (فإنما عليك البلاغ) * والغرض منه تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وتعريفه أن الذي عليه ليس إلا إبلاغ الأدلة وإظهار الحجة فإذا بلغ ما جاء به فقد أدى ما عليه، وليس عليه قبولهم ثم قال: * (والله بصير بالعباد) * وذلك يفيد الوعد والوعيد، وهو ظاهر.
قوله تعالى * (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم * أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والاخرة وما لهم