كنتم مؤمنين بقلوبكم.
المسألة الثانية: في سبب نزول الآية روايات:
الرواية الأولى: أنها خطاب لأهل مكة كانوا يرابون فلما أسلموا عند فتح مكة أمرهم الله تعالى أن يأخذوا رؤوس أموالهم دون الزيادة.
والرواية الثانية: قال مقاتل: إن الآية نزلت في أربعة أخوة من ثقيف: مسعود، وعبد يا ليل، وحبيب، وربيعة، بنو عمرو بن عمير الثقفي كانوا يداينون بني المغيرة، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف أسلم الأخوة، ثم طالبوا برباهم بني المغيرة، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
والرواية الثالثة: نزلت في العباس، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما وكانا أسلفا في التمر، فلما حضر الجداد قبضا بعضا، وزاد في الباقي فنزلت الآية، وهذا قول عطاء وعكرمة.
الرواية الرابعة: نزلت في العباس وخالد بن الوليد، وكانا يسلفان في الربا، وهو قول السدي.
المسألة الثالثة: قال القاضي: قوله * (إن كنتم مؤمنين) * كالدلالة على أن الإيمان لا يتكامل إذا أصر الإنسان على كبيرة وإنما يصير مؤمنا بالإطلاق إذا اجتنب كل الكبائر.
والجواب: لما دلت الدلائل الكثيرة المذكورة في تفسير قوله * (الذين يؤمنون بالغيب) * (البقرة: 3) على أن العمل خارج عن مسمى الإيمان كانت هذه الآية محمولة على كمال الإيمان وشرائعه، فكان التقدير: إن كنتم عاملين بمقتضى شرائع الإيمان، وهذا وإن كان تركا للظاهر لكنا ذهبنا إليه لتلك الدلائل.
ثم قال تعالى: * (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ عاصم وحمزة * (فآذنوا) * مفتوحة الألف ممدودة مكسورة الذال على مثال * (فآمنوا) * والباقون * (فأذنوا) * بسكون الهمزة مفتوحة الذال مقصورة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن علي رضي الله عنه أنهما قرآ كذلك * (فآذنوا) * ممدودة، أي فاعلموا من قوله تعالى: * (فقل آذنتكم على سواء) * (الأنبياء: 109) ومفعول الإيذان محذوف في هذه الآية، والتقدير: فاعلموا من لم ينته عن الربا بحرب من الله ورسوله، وإذا أمروا بإعلام غيرهم فهم أيضا قد علموا ذلك لكن ليس في علمهم دلالة على إعلام غيرهم، فهذه القراءة في البلاغة آكد، وقال أحمد بن يحيى: قراءة العامة من الاذن، أي كونوا على علم وإذن، وقرأ الحسن * (فأيقنوا) * وهو دليل لقراءة العامة.
المسألة الثانية: اختلفوا في أن الخطاب بقوله * (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله) * خطاب