قلنا: الجواب عنه من وجوه الأول: أن المقصود من الآية أنه لو علم إنسان يطلب الزيادة والربح أنه إذا بذر حبة واحدة أخرجت له سبعمائة حبة ما كان ينبغي له ترك ذلك ولا التقصير فيه فكذلك ينبغي لمن طلب الأجر في الآخرة عند الله أن لا يتركه إذا علم أنه يحصل له على الواحدة عشرة ومائة، وسبعمائة، وإذا كان هذا المعنى معقولا سواء وجد في الدنيا سنبلة بهذه الصفة أو لم يوجد كان المعنى حاصلا مستقيما، وهذا قول القفال رحمه الله وهو حسن جدا.
والجواب الثاني: أنه شوهد ذلك في سنبلة الجاورس، وهذا الجواب في غاية الركاكة.
المسألة الرابعة: كان أبو عمرو وحمزة والكسائي يدغمون التاء في السين في قوله * (أنبتت سبع سنابل) * لأنهما حرفان مهموسان، والباقون بالإظهار على الأصل.
ثم قال: * (والله يضاعف لمن يشاء) * وليس فيه بيان كمية تلك المضاعفة، ولا بيان من يشرفه الله بهذه المضاعفة، بل يجب أن يجوز أنه تعالى يضاعف لكل المتقين، ويجوز أن يضاعف لبعضهم من حيث يكون إنفاقه أدخل في الإخلاص، أو لأنه تعالى بفضله وإحسانه يجعل طاعته مقرونة بمزيد القبول والثواب.
ثم قال: * (والله سميع) * أي واسع القدرة على المجازاة على الجود والافضال عليهم، بمقادير الانفاقات، وكيفية ما يستحق عليها، ومتى كان الأمر كذلك لم يصر عمل العامل ضائعا عند الله تعالى.
قوله تعالى * (الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون مآ أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *.
إعلم أنه تعالى لما أعظم أمر الانفاق في سبيل الله، أتبعه ببيان الأمور التي يجب تحصيلها حتى يبقى ذلك الثواب، منها ترك المن والأذى ثم في الآية مسائل:
المسألة الأولى: نزلت الآية في عثمان وعبد الرحمن بن عوف، أما عثمان فجهز جيش العسرة في غزوة تبوك بألف بعير بأقتابها وألف دينار، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يقول: يا رب عثمان رضيت عنه فارض عنه، وأما عبد الرحمن بن عوف فإنه تصدق بنصف ماله أربعة آلاف دينار فنزلت الآية.