ثم قال: * (والله سميع عليم) * وفيه قولان:
القول الأول: أنه تعالى يسمع قول من يتكلم بالشهادتين، وقول من يتكلم بالكفر، ويعلم ما في قلب المؤمن من الاعتقاد الطاهر، وما في قلب الكافر من الاعتقاد الخبيث.
والقول الثاني: روى عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إسلام أهل الكتاب من اليهود الذين كانوا حول المدينة، وكان يسأل الله تعالى ذلك سرا وعلانية، فمعنى قوله * (والله سميع عليم) * يريد لدعائك يا محمد بحرصك عليه واجتهادك.
قوله تعالى * (الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليآؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *.
فيه مسألتان:
المسألة الأولى: * (الولي) * فعيل بمعنى فاعل من قولهم: ولى فلان الشيء يليه ولاية فهو وال وولى، وأصله من الولي الذي هو القرب، قال الهذلي: وعدت عواد دون وليك تشغب ومنه يقال: داري تلى دارها، أي تقرب منها، ومنه يقال: للمحب المعاون: ولي. لأنه يقرب منك بالمحبة والنصرة ولا يفارقك، ومنه الوالي، لأنه يلي القوم بالتدبير والأمر والنهي ومنه المولى ومن ثم قالوا في خلاف الولاية: العداوة من عدا الشيء إذا جاوزه، فلأجل هذا كانت الولاية خلاف العداوة. المسألة الثانية: احتج أصحابنا بهذه الآية على أن ألطاف الله تعالى في حق المؤمن فيما يتعلق بالدين أكثر من ألطافه في حق الكافر، بأن قالوا: الآية دلت على أنه تعالى ولي الذين آمنوا على التعيين ومعلوم أن الولي للشيء هو المتولي لما يكون سببا لصلاح الإنسان واستقامة أمره في الغرض المطلوب ولأجله قال تعالى: * (يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا