يكشف عن متشابهه.
وأما الإيمان بالرسل: فلا بد فيه من أمور أربعة:
المرتبة الأولى: أن يعلم كونهم معصومين من الذنوب، وقد أحكمنا هذه المسألة في تفسير قوله * (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) * (البقرة: 36) وجميع الآيات التي يتمسك بها المخالفون قد ذكرنا وجه تأويلاتها في هذا التفسير بعون الله سبحانه وتعالى.
والمرتبة الثانية: من مراتب الإيمان بهم: أن يعلم أن النبي أفضل ممن ليس بنبي، ومن الصوفية من ينازع في هذا الباب.
المرتبة الثالثة: قال بعضهم: أنهم أفضل من الملائكة، وقال كثير من العلماء: إن الملائكة السماوية أفضل منهم، وهم أفضل من الملائكة الأرضية، وقد ذكرنا هذه المسألة في تفسير قوله * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) * (البقرة: 34) ولأرباب المكاشفات في هذه المسألة مباحثات غامضة.
المرتبة الرابعة: أن يعلم أن بعضهم أفضل من البعض، وقد بينا ذلك في تفسير قوله تعالى: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * (البقرة: 253) ومنهم من أنكر ذلك وتمسك بقوله تعالى له في هذه الآية * (لا نفرق بين أحد من رسله) * (البقرة: 253).
وأجاب العلماء عنه بأن المقصود من هذا الكلام شيء آخر، وهو أن الطريق إلى إثبات نبوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا كانوا حاضرين هو ظهور المعجزة على وفق دعاويهم، فإذا كان هذا هو الطريق، وجب في حق كل من ظهرت المعجزة على وفق دعواه أن يكون صادقا، وإن لم يصح هذا الطريق وجب أن لا يدل في حق أحد منهم على صحة رسالته، فأما أن يدل على رسالة البعض دون البعض فقول فاسد متناقض، والغرض منه تزييف طريقة اليهود والنصارى الذين يقرون بنبوة موسى وعيسى، ويكذبون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا هو المقصود من قوله تعالى: * (لا نفرق بين أحد من رسله) * لا ما ذكرتم من أنه لا يجوز أن يكون بعضهم أفضل من البعض فهذا هو الإشارة إلى أصول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله.
المسألة الثالثة: قرأ حمزة * (وكتابه) * على الواحد، والباقون * (كتبه) * على الجمع، أما الأول ففيه وجهان أحدهما: أن المراد هو القرآن ثم الإيمان به ويتضمن الإيمان بجميع الكتب والرسل والثاني: على معنى الجنس فيوافق معنى الجمع، ونظيره قوله تعالى: * (فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق) * (البقرة: 213).
فإن قيل: اسم الجنس إنما يفيد العموم إذا