أن التقدير: ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون، فعل جملة لما ذكر وهو الأمر بصوم العدة، وتعليم كيفية القضاء، والرخصة في إباحة الفطر، وذلك لأنه تعالى ما ذكر هذه الأمور الثلاثة ذكر عقيبها ألفاظا ثلاثة، فقوله: * (ولتكملوا العدة) * علة للأمر بمراعاة العدة * (ولتكبروا) * علة ما علمتم من كيفية القضاء * (ولعلكم تشكرون) * علة الترخص والتسهيل، ونظير ما ذكرنا من حذف الفعل المنبه ما قبله عليه قوله تعالى: * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) * (الأنعام: 75) أي أريناه.
الوجه الثاني: ما قاله الزجاج، وهو أن المراد به أن الذي تقدم من التكليف على المقيم صحيح والرخصة للمريض والمسافر إنما هو إكمال العدة لأنه مع الطاقة يسهل عليه إكمال العدة، ومع الرخصة في المرض والسفر يسهل إكمال العدة بالقضاء، فلا يكون عسرا، فبين تعالى أنه كلف الكل على وجه لا يكون إكمال العدة عسيرا، بل يكون سهلا يسيرا، والفرق بين الوجهين أن في الأول إضمارا وقع بعد قوله: * (ولتكملوا العدة) * وفي الثاني قبله:
المسألة الثالثة: إنما قال: * (ولتكملوا العدة) * ولم يقل: ولتكملوا الشهر، لأنه لما قال: ولتكملوا العدة دخل تحته عدة أيام الشهر وأيام القضاء لتقدم ذكرهما جميعا ولذلك يجب أن يكون عدد القضاء مثلا لعدد المقضي، ولو قال تعالى: ولتكملوا الشهر لدل ذلك على حكم الأداء فقط ولم يدخل حكم القضاء. أما قوله: * (ولتكبروا الله على ما عاهدكم) * ففيه وجهان الأول: أن المراد منه التكبير ليلة الفطر قال ابن عباس: حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا، وقال الشافعي: وأحب إظهار التكبير في العيدين، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: يكره ذلك غداة الفطر، واحتج الشافعي رحمه الله بقوله تعالى: * (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) * وقال: معناه ولتكملوا عدة شهر رمضان لتكبروا الله عند انقضائه على ما هداكم إلى هذه الطاعة، ثم يتفرع على هذا ثلاث مسائل: إحداها: اختلف قوله في أن أي العيدين أوكد في التكبير؟ فقال في القديم: ليلة النحر أوكد لإجماع السلف عليها، وقال في الجديد: ليلة الفطر أوكد لورود النص فيها وثانيها: أن وقت التكبير بعد غروب الشمس من ليلة الفطر، وقال مالك: لا يكبر في ليلة الفطر ولكنه يكبر في يومه، وروي هذا عن أحمد، وقال إسحق: إذا غدا إلى المصلى حجة الشافعي أن قوله تعالى: * (ولتكبروا الله على ما هداكم) * يدل على أن الأمر بهذا يوجب أن يكون التكبير وقع معللا بحصول هذه الهداية، لكن بعد غروب الشمس تحصل هذه الهداية،