وقوله: أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه إني لكم نذير مبين بأن اعبدوا الله، يقول: إني لكم نذير أنذركم، وآمركم بعبادة الله واتقوه يقول: واتقوا عقابه بالايمان به، والعمل بطاعته وأطيعون يقول: وانتهوا إلى ما آمركم به، واقبلوا نصيحتي لكم. وقد:
27124 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون قال: أرسل الله المرسلين بأن يعبد الله وحده، وأن تتقي محارمه، وأن يطاع أمره.
وقوله: يغفر لكم من ذنوبكم يقول: يغفر لكم ذنوبكم.
فإن قال قائل: أو ليست من دالة على البعض؟ قيل: إن لها معنيين وموضعين، فأما أحد الموضعين فهو الموضع الذي لا يصلح فيه غيرها. وإذا كان ذلك كذلك لم تدل إلا على البعض، وذلك كقولك: اشتريت من مماليكك، فلا يصلح في هذا الموضع غيرها، ومعناها: البعض، اشتريت بعض مماليكك، ومن مماليكك مملوكا. والموضع الآخر: هو الذي يصلح فيه مكانها عن فإذا، صلحت مكانها عن دلت على الجميع، وذلك كقولك:
وجع بطني من طعام طعمته، فإن معنى ذلك: أوجع بطني طعام طعمته، وتصلح مكان من عن، وذلك أنك تضع موضعها عن، فيصلح الكلام فتقول: وجع بطني عن طعام طعمته، ومن طعام طعمته، فكذلك قوله: يغفر لكم من ذنوبكم إنما هو: ويصفح لكم، ويعفو لكم عنها وقد يحتمل أن يكون معناها يغفر لكم من ذنوبكم ما قد وعدكم العقوبة عليه.
فأما ما لم يعدكم العقوبة عليه فقد تقدم عفوه لكم عنها.
وقوله: ويؤخركم إلى أجل مسمى يقول: ويؤخر في آجالكم فلا يهلككم بالعذاب، لا بغرق ولا غيره إلى أجل مسمى يقول إلى حين كتب أنه يبقيكم إليه، إن أنتم أطعتموه وعبدتموه، في أم الكتاب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27125 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: إلى أجل مسمى قال: ما قد خط من الاجل، فإذا جاء أجل الله لا يؤخر.
وقوله: إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون يقول تعالى ذكره: إن أجل الله الذي قد كتبه على خلقه في أم الكتاب إذا جاء عنده لا يؤخر عن ميقاته، فينظر بعده لو