آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم كذلك قالها يزيد ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم قال: عملوا بطاعة الله فألحقهم الله بآبائهم.
وأولى هذه الأقوال بالصواب وأشبهها بما دل عليه ظاهر التنزيل، القول الذي ذكرنا عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهو: والذين آمنوا بالله ورسوله، وأتبعناهم ذرياتهم الذين أدركوا الايمان بإيمان، وآمنوا بالله ورسوله، ألحقنا بالذين آمنوا ذريتهم الذين أدركوا الايمان فآمنوا، في الجنة فجعلناهم معهم في درجاتهم، وإن قصرت أعمالهم عن أعمالهم تكرمة منا لآبائهم، وما ألتناهم من أجور عملهم شيئا.
وإنما قلت: ذلك أولى التأويلات به، لان ذلك الأغلب من معانيه، وإن كان للأقوال الآخر وجوه.
واختلفت القراء في قراءة قوله: وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم فقرأ ذلك عامة قراء المدينة واتبعتهم ذريتهم على التوحيد بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم على الجمع، وقرأته قراء الكوفة واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم كلتيهما بإفراد.
وقرأ بعض قراء البصرة وهو أبو عمرو وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم.
والصواب من القول في ذلك أن جميع ذلك قراءات معروفات مستفيضات في قراءة الأمصار، متقاربات المعاني، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: وما ألتناهم من عملهم من شئ يقول تعالى ذكره: وما ألتنا الآباء، يعني بقوله: وما ألتناهم: وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئا، فنأخذه منهم، فنجعله لأبنائهم الذين ألحقناهم بهم، ولكنا وفيناهم أجور أعمالهم، وألحقنا أبناءهم بدرجاتهم، تفضلا منا عليهم. والألت في كلام العرب: النقص والبخس، وفيه لغة أخرى، ولم يقرأ بها أحد نعلمه، ومن الألت قول الشاعر:
أبلغ بني ثعل عني مغلغلة * جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا