وقال آخرون: بل عنى بذلك أن يريهم نجوم الليل وقمره، وشمس النهار، وذلك ما وعدهم أنه يريهم في الآفاق. وقالوا: عنى بالآفاق: آفاق السماء، وبقوله: وفي أنفسهم سبيل الغائط والبول. ذكر من قال ذلك:
23633 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم قال: آفاق السماوات: نجومها وشمسها وقمرها اللاتي يجرين، وآيات في أنفسهم أيضا.
وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الأول، وهو ما قاله السدي، وذلك أن الله عز وجل وعد نبيه (ص) أن يري هؤلاء المشركين الذين كانوا به مكذبين آيات في الآفاق، وغير معقول أن يكون تهددهم بأن يريهم ما هم راؤوه، بل الواجب أن يكون ذلك وعدا منه لهم أن يريهم ما لم يكونوا رأوه قبل من ظهور نبي الله (ص) على أطراف بلدهم وعلى بلدهم، فأما النجوم والشمس والقمر، فقد كانوا يرونها كثيرا قبل وبعد ولا وجه لتهددهم بأنه يريهم ذلك.
وقوله: حتى يتبين لهم أنه الحق يقول جل ثناؤه: أرى هؤلاء المشركين وقائعنا بأطرافهم وبهم حتى يعلموا حقيقة ما أنزلنا إلى محمد، وأوحينا إليه من الوعد له بأنا مظهرو ما بعثناه به من الدين على الأديان كلها، ولو كره المشركون.
وقوله: أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد يقول تعالى ذكره: أو لم يكف بربك يا محمد أنه شاهد على كل شئ مما يفعله خلقه، لا يعزب عنه علم شئ منه، وهو مجازيهم على أعمالهم، المحسن بالاحسان، والمسئ جزاءه.
وفي قوله: أنه وجهان: أحدهما: أن يكون في موضع خفض على وجه تكرير الباء، فيكون معنى الكلام حينئذ: أو لم يكف بربك بأنه على كل شئ شهيد؟ والآخر: أن يكون في موضع رفع رفعا، بقوله: يكف، فيكون معنى الكلام: أو لم يكف بربك شهادته على كل شئ.