حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: أو ما ملكتم مفاتحه يعني: بيت أحدهم، فإنه يملكه، والعبيد منهم مما ملكوا.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله: أو ما ملكتم مفاتحه مما تحبون يا ابن آدم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: أو ما ملكتم مفاتحه قال: خزائن لأنفسهم، ليست لغيرهم.
وأشبه الأقوال التي ذكرنا في تأويل قوله: ليس على الأعمى حرج... إلى قوله:
أو صديقكم القول الذي ذكرنا عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، وذلك أن أظهر معاني قوله: ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج: أنه لا حرج على هؤلاء الذين سموا في هذه الآية أن يأكلوا من بيوت من ذكره الله فيها، على ما أباح لهم من الأكل منها. فإذ كان ذلك أظهر معانيه، فتوجيه معناه إلى الأغلب الأعرف من معانيه أولى من توجيهه إلى الأنكر منها. فإذ كان ذلك كذلك، كان ما خالف من التأويل قول من قال:
معناه: ليس في الأعمى والأعرج حرج، أولى بالصواب. وكذلك أيضا الأغلب من تأويل قوله: ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أنه بمعنى: ولا عليكم أيها الناس. ثم جمع هؤلاء والزمني الذين ذكرهم قبل في الخطاب، فقال: أن تأكلوا من بيوت أنفسكم. وكذلك تفعل العرب إذا جمعت بين خبر الغائب والمخاطب، غلبت المخاطب فقالت: أنت وأخوك قمتما، وأنت وزيد جلستما، ولا تقول: أنت وأخوك جلسا، وكذلك قوله: ولا على أنفسكم والخبر عن الأعمى والأعرج والمريض، غلب المخاطب، فقال: أن تأكلوا، ولم يقل: أن يأكلوا.
فإن قال قائل: فهذا الأكل من بيوتهم قد علمناه كان لهم حلالا إذ كان ملكا لهم، أو كان أيضا حلالا لهم الأكل من مال غيرهم؟ قيل له: ليس الامر في ذلك على ما توهمت ولكنه كما ذكرناه عن عبيد الله بن عبد الله، أنهم كانوا إذا غابوا في مغازيهم وتخلف أهل الزمانة منهم، دفع الغازي مفتاح مسكنه إلى المتخلف منهم، فأطلق له في الأكل مما يخلف في منزله من الطعام، فكان المتخلفون يتخوفون الأكل من ذلك وربه غائب، فأعلمه الله أنه لا حرج عليه في الأكل منه وأذن لهم في أكله. فإذ كان ذلك كذلك تبين أن لا معنى لقول من قال: إنما أنزلت هذه الآية من أجل كراهة المستتبع أكل طعام غير المستتبع لان ذلك لو