وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس، عن جويبر، عن الضحاك، في قول الله: قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا قال: كانوا يستتر بعضهم ببعض، فيقومون، فقال: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، قال: يطبع على قلبه، فلا يأمن أن يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا قال: خلافا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا قال: هؤلاء المنافقون الذين يرجعون بغير إذن رسول الله (ص). قال: اللواذ: يلوذ عنه ويروغ ويذهب بغير إذن النبي (ص).
فليحذر الذين يخالفون عن أمره الذين يصنعون هذا، أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم. الفتنة ها هنا. الكفر، واللواذ: مصدر لاوذت بفلان ملاوذة ولواذا، ولذلك ظهرت الواو، ولو كان مصدرا للذت لقيل: لياذا، كما يقال: قمت قياما، وإذا قيل:
قاومتك، قيل: قواما طويلا. واللواذ: هو أن يلوذ القوم بعضهم ببعض، يستتر هذا بهذا وهذا بهذا، كما قال الضحاك.
وقوله: أو يصيبهم عذاب أليم يقول: أو يصيبهم في عاجل الدنيا عذاب من الله موجع، على صنيعهم ذلك وخلافهم أمر رسول الله (ص).
وقوله: فليحذر الذين يخالفون عن أمره وأدخلت عن لان معنى الكلام:
فليحذر الذين يلوذون عن أمره ويدبرون عنه معرضين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شئ عليم) *.
يقول تعالى ذكره: ألا إن لله ملك جميع السماوات والأرض يقول: فلا ينبغي لمملوك أن يخالف أمر مالكه فيعصيه، فيستوجب بذلك عقوبته. يقول: فكذلك أنتم أيها الناس، لا يصلح لكم خلاف ربكم الذي هو مالككم، فأطيعوه وأتمروا لامره ولا تنصرفوا عن رسوله إذا كنتم معه على أمر جامع إلا بإذنه.