* (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * يقول تعالى ذكره: وليستعفف الذين لا يجدون ما ينكحون به النساء عن إتيان ما حرم الله عليهم من الفواحش، حتى يغنيهم الله من سعة فضله، ويوسع عليهم من رزقه.
وقوله: والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم يقول جل ثناؤه: والذين يلتمسون المكاتبة منكم من مماليككم، فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا.
واختلف أهل العلم في وجه مكاتبة الرجل عبده الذي قد علم فيه خيرا، وهل قوله:
فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا على وجه الفرض أم هو على وجه الندب؟ فقال بعضهم:
فرض على الرجل أن يكاتب عبده الذي قد علم فيه خيرا إذا سأله العبد ذلك. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال:
قلت لعطاء: أواجب علي إذا علمت مالا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلا واجبا. وقالها عمرو بن دينار، قال: قلت لعطاء: أتأثره عن أحد؟ قال: لا.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، أن سيرين، أراد أن يكاتبه فتلكأ عليه، فقال له عمر: لتكاتبنه حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لا ينبغي لرجل إذا كان عنده المملوك الصالح الذي له المال يريد إن يكاتب ألا يكاتبه.
وقال آخرون: ذلك غير واجب على السيد، وإنما قوله: فكاتبوهم: ندب من الله سادة العبيد إلى كتابة من علم فيه منهم خير، لا إيجاب. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال مالك بن أنس: الامر عندنا أن ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع بأحد من الأئمة أكره أحدا