* (ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ئ وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ئ وأعوذ بك رب أن يحضرون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه: ادفع يا محمد بالخلة التي هي أحسن، وذلك الاغضاء والصفح عن جهلة المشركين والصبر على أذاهم، وذلك أمره إياه قبل أمره بحربهم. وعنى بالسيئة: أذى المشركين إياه وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند الله، يقول له تعالى ذكره:
اصبر على ما تلقى منهم في ذات الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: ادفع بالتي هي أحسن السيئة قال: أعرض عن أذاهم إياك.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد: ادفع بالتي هي أحسن السيئة قال: هو السلام، تسلم عليه إذا لقيته.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الكريم، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله:
ادفع بالتي هي أحسن السيئة قال: والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا ويصفح عما يكره.
وقوله: نحن أعلم بما يصفون يقول تعالى ذكره: نحن أعلم بما يصفون الله به، وينحلونه من الأكاذيب والفرية عليه، وبما يقولون فيك من السوء، ونحن مجازوهم على جميع ذلك، فلا يحزنك ما تسمع منهم من قبيح القول.
وقوله: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وقل يا محمد رب أستجير بك من خنق الشياطين وهمزاتها، والهمز: هو الغمز، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام: همزة، والهمزات جمع همزة.