يقول تعالى ذكره: وأنزلنا من السماء ما في الأرض من ماء، فأسكناه فيها. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ماء هو من السماء.
وقوله: وإنا على ذهاب به لقادرون يقول جل ثناؤه: وإنا على الماء الذي أسكناه في الأرض لقادرون أن نذهب به فتهلكوا أيها الناس عطشا تخرب أرضوكم، فلا تنبت زرعا ولا غرسا، وتهلك مواشيكم، يقول: فمن نعمتي عليكم تركي ذلك لكم في الأرض جاريا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون) *.
يقول تعالى ذكره: فأحدثنا لكم بالماء الذي أنزلناه من السماء، بساتين من نخيل وأعناب لكم فيها يقول: لكم في الجنات فواكه كثيرة. ومنها تأكلون يقول: ومن الفواكه تأكلون. وقد يجوز أن تكون الهاء والألف من ذكر الجنات، ويحتمل أن تكون من ذكر النخيل والأعناب. وخص جل ثناؤه الجنات التي ذكرها في هذا الموضع، فوصفها بأنها من نخيل وأعناب دون وصفها بسائر ثمار الأرض لان هذين النوعين من الثمار كانا هما أعظم ثمار الحجاز وما قرب منها، فكانت النخيل لأهل المدينة، والأعناب لأهل الطائف، فذكر القوم بما يعرفون من نعمة الله عليهم، بما أنعم به عليهم من ثمارها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين) *.
يقول تعالى ذكره: وأنشأنا لكم أيضا شجرة تخرج من طور سيناء وشجرة منصوبة عطفا على الجنات، ويعني بها: شجرة الزيتون.
وقوله: تخرج من طور سيناء يقول: تخرج من جبل ينبت الأشجار.
وقد بينت معنى الطور فيما مضى بشواهده، واختلاف المختلفين، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأما قوله: سيناء فإن القراء اختلفت في قراءته، فقرأته عامة قراء المدينة