وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وضع الحرج عن المسلمين أن يأكلوا جميعا معا إذا شاءوا، أو أشتاتا متفرقين إذا أرادوا. وجائز أن يكون ذلك نزل بسبب من كان يتخوف من الأغنياء الأكل مع الفقير، وجائز أن يكون نزل بسبب القوم الذين ذكر أنهم كانوا لا يطعمون وحدانا، وبسبب غير ذلك ولا خبر بشئ من ذلك يقطع العذر، ولا دلالة في ظاهر التنزيل على حقيقة شئ منه. والصواب التسليم لما دل عليه ظاهر التنزيل، والتوقف فيما لم يكن على صحته دليل.
وقوله: فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: معناه: فإذا دخلتم أيها الناس بيوت أنفسكم، فسلموا على أهليكم وعيالكم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري وقتادة في قوله: فسلموا على أنفسكم قالا: بيتك، إذا دخلته فقل: سلام عليكم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم قال: سلم على أهلك قال ابن جريج: وسئل عن عطاء بن أبي رباح: أحق على الرجل إذا دخل على أهله أن يسلم عليهم؟ قال: نعم. وقالها عمرو بن دينار وتلوا: فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة قال عطاء بن أبي رباح ذلك غير مرة.
قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة. قال: ما رأيته إلا يوجبه. قال ابن جريج، وأخبرني زياد، عن ابن طاوس أنه كان يقول: إذا دخل أحدكم بيته فليسلم.
قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: إذا خرجت أواجب السلام؟ هل أسلم عليهم؟ فإنما قال: إذا دخلتم بيوتا فسلموا؟ قال: ما أعلمه واجبا ولا آثر عن أحد وجوبه، ولكن أحب إلي، وما أدعه إلا ناسيا. قال ابن جريج، وقال عمرو بن دينار: لا، قال: قلت لعطاء: فإن لم يكن في البيت أحد؟ قال: سلم قل: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام على أهل البيت