وقوله: وكنا قوما ضالين يقول: كنا قوما ضللنا عن سبيل الرشاد وقصد الحق.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ئ قال اخسئوا فيها ولا تكلمون) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الذين خفت موازين صالح أعمالهم يوم القيامة في جهنم: ربنا أخرجا من النار، فإن عدنا لما تكره منا من عمل فإنا ظالمون.
وقوله: قال اخسئوا فيها يقول تعالى ذكره: قال الرب لهم جل ثناؤه مجيبا:
اخسئوا فيها أي اقعدوا في النار. يقال منه: خسأت فلانا أخسؤه خسأ وخسوءا، وخسئ هو يخسأ وما كان خاسئا ولقد خسأ. ولا تكلمون فعند ذلك أيس المساكين من الفرج ولقد كانوا طامعين فيه كما:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: ثني أبو الزعراء، عن عبد الله، في قصة ذكرها في الشفاعة، قال: فإذا أراد الله ألا يخرج منها يعني من النار أحدا، غير وجوههم وألوانها، فيجئ الرجل من المؤمنين فيشفع فيهم، فيقول: يا رب فيقول: من عرف أحدا فليخرجه قال: فيجئ الرجل فينظر فلا يعرف أحدا، فيقول: يا فلان يا فلان فيقول: ما أعرفك.
فعند ذلك يقولون: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فيقول: اخسئوا فيها ولا تكلمون فإذا قالوا ذلك، انطبقت عليهم جهنم فلا يخرج منها بشر.
حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن شهر ابن حوشب، عن معدي كرب، عن أبي الدرداء، قال: يرسل أو يصب على أهل النار الجوع، فيعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بالضريع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فلا يغني ذلك عنهم شيئا. فيستغيثون، فيغاثون بطعام ذي غصة، فإذا أكلوه نشب في حلوقهم، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا يحدرون الغصة بالماء. فيستغيثون، فيرفع إليهم الحميم في كلاليب الحديد، فإذا انتهى إلى وجوههم شوى وجوههم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم. قال: فينادون مالكا: ليقض علينا ربك قال: فيتركهم ألف سنة، ثم يجيبهم: إنكم ماكثون. قال: فينادون خزنة جهنم:
ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا: أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات؟ قالوا:
بلى. قالوا: فادعوا، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال قال: فيقولون ما نجد أحدا لنا