جاءوا بالإفك من صدقهم، وأنتم أيها الناس لا تعلمون ذلك لأنكم لا تعلمون الغيب، وإنما يعلم ذلك علام الغيوب. يقول: فلا ترووا ما لا علم لكم به من الإفك على أهل الايمان بالله، ولا سيما على حلائل رسول الله (ص)، فتهلكوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) *.
يقول تعالى ذكره: ولولا أن تفضل الله عليكم أيها الناس ورحمكم، وأن الله ذو رأفة، ذو رحمة بخلقه، لهلكتم فيما أفضتم فيه وعاجلتكم من الله العقوبة. وترك ذكر الجواب لمعرفة السامع بالمراد من الكلام بعده، وهو قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان... الآية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم) *.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، لا تسلكوا سبيل الشيطان وطرقه ولا تقتفوا آثاره، بإشاعتكم الفاحشة في الذين آمنوا وإذاعتكموها فيهم وروايتكم ذلك عمن جاء به، فإن الشيطان يأمر بالفحشاء وهي الزنا والمنكر من القول.
وقد بينا معنى الخطوات والفحشاء فيما مضى بشواهد ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) * * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) *.
يقول تعالى ذكره: ولولا فضل الله عليكم أيها الناس ورحمته لكم، ما تطهر منكم من أحد أبدا من دنس ذنوبه وشركه، ولكن الله يطهر من يشاء من خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ولو فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا يقول: ما