التدبير على مشيئتهم وإرادتهم وترك الحق الذي هم له كارهون، لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن وذلك أنهم لا يعرفون عواقب الأمور والصحيح من التدبير والفاسد.
فلو كانت الأمور جارية على مشيئتهم وأهوائهم مع إيثار أكثرهم الباطل على الحق، لم تقر السماوات والأرض ومن فيهن من خلق الله، لان ذلك قام بالحق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا السدي، عن أبي صالح: ولو اتبع الحق أهواءهم قال: الله.
قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: ولو اتبع الحق أهواءهم قال: الحق: هو الله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ولو اتبع الحق أهواءهم قال: الحق: الله.
وقوله: بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون اختلف أهل التأويل في تأويل الذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو بيان الحق لهم بما أنزل على رجل منهم من هذا القرآن. ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: بل أتيناهم بذكرهم يقول: بينا لهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل أتيناهم بشرفهم وذلك أن هذا القرآن كان شرفا لهم، لأنه نزل على رجل منهم، فأعرضوا عنه وكفروا به. وقالوا: ذلك نظير قوله وإنه لذكر لك ولقومك وهذان القولان متقاربا المعنى. وذلك أن الله جل ثناؤه أنزل هذا القرآن بيانا بين فيه ما لخلقه إليه الحاجة من أمر دينهم، وهو مع ذلك ذكر لرسوله (ص) وقومه وشرف لهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ئ وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم) *.