يقول تعالى ذكره: ولولا فضل الله عليكم أيها الخائضون في أمر عائشة، المشيعون فيها الكذب والاثم، بتركه تعجيل عقوبتكم ورحمته إياكم، لعفوه عنكم في الدنيا والآخرة بقبول توبتكم مما كان منكم في ذلك، لمسكم فيما خضتم فيه من أمرها عاجلا في الدنيا عذاب عظيم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
ولولا فضل الله عليكم ورحمته هذا للذين تكلموا فنشروا ذلك الكلام، لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) *.
يقول تعالى ذكره: لمسكم فيما أفضتم فيه من شأن عائشة عذاب عظيم، حين تلقونه بألسنتكم. وإذ من صلة قوله لمسكم. ويعني بقوله: تلقونه تتلقون الإفك الذي جاءت به العصبة من أهل الإفك، فتقبلونه، ويرويه بعضكم عن بعض يقال: تلقيت هذا الكلام عن فلان، بمعنى أخذته منه وقيل ذلك لان الرجل منهم فيما ذكر يلقى آخر فيقول:
أو ما بلغك كذا وكذا عن عائشة؟ ليشيع عليها بذلك الفاحشة. وذكر أنها في قراءة أبي: إذ تتلقونه بتاءين، وعليها قرأه الأمصار، غير أنهم قرأوها: تلقونه بتاء واحدة، لأنها كذلك في مصاحفهم. وقد روي عن عائشة في ذلك، ما:
حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا خالد بن نزار، عن نافع، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة زوج النبي (ص)، أنها كانت تقرأ هذه الآية: إذ تلقونه بألسنتكم تقول: إنما هو ولق الكذب، وتقول: إنما كانوا يلقون الكذب. قال ابن أبي مليكة: وهي أعلم بما فيها أنزلت.