دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم قال: إذا دخلت بيتا فيه يهود فقل: السلام عليكم وإن لم يكن فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معناه: فإذا دخلتم بيوتا من بيوت المسلمين، فليسلم بعضكم على بعض.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لان الله جل ثناؤه قال: فإذا دخلتم بيوتا ولم يخصص من ذلك بيتا دون بيت، وقال: فسلموا على أنفسكم يعني: بعضكم على بعض. فكان معلوما إذ لم يخصص ذلك على بعض البيوت دون بعض، أنه معنى به جميعها، مساجدها وغير مساجدها. ومعنى قوله: فسلموا على أنفسكم نظير قوله:
ولا تقتلوا أنفسكم. وقوله: تحية من عند الله ونصب تحية، بمعنى: تحيون أنفسكم تحية من عند الله السلام تحية، فكأنه قال: فليحي بعضكم بعضا تحية من عند الله.
وقد كان بعض أهل العربية يقول: إنما نصبت بمعنى: أمركم بها تفعلونها تحية منه، ووصف جل ثناؤه هذه التحية المباركة الطيبة لما فيها من الاجر الجزيل والثواب العظيم.
وقوله: كذلك يبين الله لكم الآيات يقول تعالى ذكره: هكذا يفصل الله لكم معالم دينكم فيبينها لكم، كما فصل لكم في هذه الآية ما أحل لكم فيها، وعرفكم سبيل الدخول على من تدخلون عليه. لعلكم تعقلون يقول: لكي تفقهوا عن الله أمره ونهيه وأدبه.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) *.
يقول تعالى ذكره: ما المؤمنون حق الايمان، إلا الذين صدقوا الله ورسوله. وإذا كانوا معه يقول: وإذا كانوا مع رسول الله (ص)، على أمر جامع يقول: على أمر يجمع جميعهم من حرب حضرت، أو صلاة اجتمع لها، أو تشاور في أمر نزل لم يذهبوا يقول: لم ينصرفوا عما اجتمعوا له من الامر، حتى يستأذنوا رسول الله (ص).