أعمالكم التي عملتموها في الدنيا، فأحسنوا عبادته، واجتهدوا في طاعته، وقدموا لأنفسكم الصالحات من الأعمال. القول في تأويل قوله تعالى * (ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالابصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ألم تر يا محمد أن الله يزجي يعني يسوق سحابا حيث يريد. ثم يؤلف بينه: يقول: ثم يؤلف بين السحاب. وأضاف بين إلى السحاب، ولم يذكر معه غيره، وبين لا تكون مضافة إلا إلى جماعة أو اثنين، لان السحاب في معنى جمع، واحده سحابة، كما يجمع النخلة: نخل، والتمرة: تمر، فهو نظير قول قائل: جلس فلان بين النخل. وتأليف الله السحاب: جمعه بين متفرقها.
وقوله: ثم يجعله ركاما يقول: ثم يجعل السحاب الذي يزجيه ويؤلف بعضه إلى بعض ركاما يعني: متراكما بعضه على بعض. وقد:
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا خالد، قال: ثنا مطر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبيد بن عمير الليثي، قال: الرياح أربع: يبعث الله الريح الأولى فتقم الأرض قما، ثم يبعث الثانية فتنشئ سحابا، ثم يبعث الثالثة فتؤلف بينه فتجعله ركاما، ثم يبعث الرابعة فتمطره.
وقوله: فترى الودق يخرج من خلاله يقول: فترى المطر يخرج من بين السحاب، وهو الودق، قال الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها * ولا أرض أبقل إبقالها